جامعة جيهان – أربيل تحيي ذكرى شهداء الأنفال بفعالية مؤثرة ومشاركة واسعة
في أجواء خيم عليها الحزن والتأثر العميق، استضافت قاعة المؤتمرات في جامعة جيهان – أربيل اليوم الاثنين 14-4-2025 فعالية استثنائية نظمها قسم الإعلام في الجامعة لإحياء الذكرى السنوية المؤلمة لحملات الإبادة الجماعية (الأنفال) التي استهدفت الشعب الكوردي في أواخر ثمانينات القرن الماضي. وقد تميزت الفعالية بحضور لافت ومشاركة واسعة، حيث اكتظت القاعة بأساتذة وطلبة قسم الإعلام إلى جانب حشد من أعضاء الهيئة التدريسية من مختلف الكليات والتخصصات في الجامعة.
افتتحت الفعالية بالنشيد الوطني والوقوف دقيقة صمت حددا على أرواح الشهداء، أعقبها مشهد مؤثر تجسد في تقديم مجموعة من طلبة قسم الإعلام لباقة متنوعة من القصائد الشعرية التي استحضرت فاجعة الأنفال بكل أبعادها الإنسانية. حيث عبر الطلبة في أشعارهم عن عمق الجرح الذي خلفته هذه الجريمة في الوجدان الكوردي، وقاموا برثاء الضحايا الأبرياء الذين سقطوا نتيجة هذه الهجمات الوحشية، ونقلوا إحساس الألم والفقد الذي لا يزال حاضراً في ذاكرة الأجيال. إذ ألقى الطلبة قصائدهم بإحساس مرهف وبصوت يعكس حجم المأساة، مما أثر بشكل بالغ في نفوس الحاضرين.
المدرس المساعد احمد جمال هورامي وهو أستاذ في قسم الإعلام بجامعة جيهان اعتلى المنصة والقى كلمته مؤكدا على الأهمية القصوى لإحياء هذه الذكرى الأليمة في كل عام، مشيراً إلى أن هذا الاستذكار ليس مجرد طقس للحزن والبكاء على الضحايا، بل هو محطة ضرورية لاستخلاص العبر والدروس التاريخية التي تضمن عدم تكرار مثل هذه الفظائع والجرائم ضد الإنسانية في أي مكان من العالم. واستعرض بإسهاب السياق التاريخي والسياسي لحملات الأنفال، محللاً الأسباب والدوافع التي أدت إلى ارتكاب هذه الجرائم المروعة، ومشيراً إلى الانتهاكات الجسيمة والمنظمة لحقوق الإنسان التي ارتكبت خلالها. وشدد في كلمته على ضرورة تضافر الجهود من أجل تحقيق العدالة للضحايا وذويهم ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم أمام القانون والتاريخ.
تضمن برنامج الفعالية فقرة هامة تمثلت في عرض تقديمي شامل ومفصل قدمه الطالب اسو علي فرج من قسم الإعلام. استند العرض إلى بحث دقيق ومعلومات موثقة، حيث استعرض الطالب التسلسل الزمني لأحداث حملات الأنفال، بدءاً من المراحل التمهيدية والأوامر العسكرية التي صدرت، مروراً بالمراحل المختلفة للحملة والجرائم البشعة التي ارتكبت خلالها من قتل جماعي وتدمير للقرى وتهجير قسري واستخدام الأسلحة الكيميائية، وصولاً إلى التداعيات الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية العميقة التي تركتها هذه الجريمة على إقليم كوردستان والعراق بشكل عام. وقد تميز العرض التقديمي بالوضوح والدقة في عرض المعلومات، بالإضافة إلى استخدام الصور والخرائط والرسوم البيانية التي ساهمت في توضيح حجم المأساة.
كما شكل عرض الفيديو الوثائقي الذي قام بإنتاجه مجموعة من طلبة قسم الإعلام اللحظة الأكثر تأثيراً في الفعالية. استطاع الطلبة من خلال هذا العمل الإبداعي أن يقدموا رؤية بصرية مؤثرة لجريمة الأنفال، مستخدمين لغة سينمائية معبرة وموسيقى تصويرية مؤثرة زادت من عمق التأثير العاطفي للفيلم. تضمن الفيلم مقتطفات مؤثرة من شهادات ناجين من حملات الأنفال، بالإضافة إلى مجموعة من الصور والوثائق الأرشيفية التي توثق حجم الدمار والمعاناة التي لحقت بالمنطقة وسكانها.
سعى الطلبة من خلال هذا الفيلم إلى تقديم رواية بصرية حية لهذه الجريمة من منظور الشباب، بهدف إيصال حقيقة ما حدث إلى الأجيال الجديدة التي لم تعاصر تلك الأحداث، والمساهمة في حفظ الذاكرة التاريخية للأمة الكوردية. وقد لاقى الفيلم استحساناً وتقديراً كبيرين من قبل الحضور، وعكس قدرة طلبة قسم الإعلام على استخدام الأدوات الإعلامية لخدمة قضايا مجتمعهم وإيصال رسائل مؤثرة وهادفة.
في ختام الفعالية عبر رئيس قسم الاعلام والحضور عن تقديرهم العميق للجهود الكبيرة التي بذلها قسم الإعلام والطلبة في تنظيم هذه الفعالية المؤثرة والهامة. كما أكد المتحدثون على الأهمية القصوى لاستمرار مثل هذه المبادرات الأكاديمية والثقافية في تعزيز الوعي بتاريخ المنطقة، وتذكير الأجيال القادمة بحجم التضحيات التي قدمها الشعب الكوردي، وضرورة العمل المشترك على منع تكرار مثل هذه المآسي في المستقبل وضمان احترام حقوق الإنسان في كل مكان. وقد عبر رئيس قسم الإعلام في جامعة جيهان – أربيل عن شكره وتقديره للحضور الكريم على تفاعلهم واهتمامهم، مؤكداً على التزام القسم بالاستمرار في تناول القضايا المجتمعية الهامة من خلال الأنشطة الطلابية المختلفة التي تساهم في خدمة المجتمع وتنمية الوعي لدى الشباب.